Friday, September 03, 2010

هل في العراق حقاً من ينادي بالعدالة و قضايا الفكر الأنساني؟

هل في العراق حقاً من ينادي بالعدالة و قضايا الأنسان؟
البحث حول العدالة الانتقالية في العراق الجديد
 و تشكيل الفكر العراقي الجديد
 وصلتنا دعوة من مجموعة من المختصين و المشرفين على القضايا التربوية و الفكرية في العراق للتمهيد إلى تطبيق العدالة ألانتقالية فيه, و كان تعليقنا كالآتي

أشكركم على دعوتكم لأحياء العدالة و الفكر الأنساني في العراق الجديد, فمشْروعكم هذا يَتَقَدّمُ و يَدْخُلُ ضمنَ الأعمال الستراتيجية الكُبرى على مُستوى الفكر و العلم في آلعالم و الوجود كله.. و أشدّ على أيديكم
لكن لا بُدّ لي منَ القول و بصراحة :ـ


أنّهُ منَ الصّعب التّحدّث عن القيم و العدالةِ في عراقٍ تربّى فيهِ الأنسانُ على مدى جيلين للأسف على ثقافة القتل و الإرهاب و آلأحتيال و الدّجل و الكذب و النفاق و العربدة و التزوير و ثقافة آلتكبر و الدكتاتورية!
فمنْ غير المُمكن و بمجموعةٍ من البُحوث ألمنقوشة و التي أكثرها قدْ لا تنسجم مع واقعنا - منْ غير المُمْكنِ أنْ تُغيير ذلكَ البناء الرّوحيّ و الأخلاقيّ و العقائدي آلفاسد للشّخْصيّة العراقيّة بِسهولة , لأنّ مَعرفةُ العدالة و وعي مفاهيمها الحقّة و طُرق إعمالها للوصول إلى مكارمِ الأخلاق بحاجةٍ إلى أكثر من جيلٍ لتعميمها أولاً ! أمّا تحقيق مكارم الأخلاق فبحاجةٍ كذلك إلى أكثرِ من جيلٍ و إلى إمكاناتٍ معنويّةٍ و علميّةٍ و ماديّةٍ كبيرة و إلى مجموعة قيادية مثقفة و قادرة لتحقيق الأمر .


لذلكَ يتطلب آلأمر إبتداءاً منْ (وزارة التعليم و التربية و وزارة التعليم العالي و المؤسسات التعليمية و التربويّة و معها وسائل الأعلام و المراكز الدّينية) وضع برامج أولية تمهيديّة للبدء بهذا المشروع السّتراتيجي : كتعريف الأنسان و الأخلاق و القيم و المبادئ الأنسانية الأولية و ...إلخ, و الأبتعاد عن الظلم و التعصب و التكبر و الجاهلية التي يتّصف بها أكثر أهلنا في العراق, بما فيهم المسؤولين في آلنظام الجديد , حتى يتمّ من خلالها تعريف العراقيّ بمعنى الإنسان و الفرق بينهُ و بينَ الحيوان ! كي نُحقّقٌ و نبني القاعدة القوية و الأنطلاقة الصحيحة آلأولى في منهجنا ألجديد !

فما فائدة أن يَتَخَرّجَ العراقيّ مُهندساً أو طبيباً أو مَرْجعاً و هوُ لا يَعرفُ تلكَ الفروق و نعني الفروق ألجَوْهريّة و ليستْ العرضية؟


بعدها نبدأ بالمرْحلة الأبتدائية في فهم مُحتوى الأنسانية كحبِّ الخير و آلصّدق و التّواضع و المَحبّة و غيرها , ثمّ ألمَرحلةُ التاليةِ كحبِ الأدبِ و النّثرِ و الشّعرِ و العرفانِ و الحكمةِ و آلحياةِ, جنباً إلى جنب مع الدّروس الأختصاصية في الطب و التكنولوجيا .

هذا بَعْدَ أنْ نكونَ قد تجاوزنا ألحالة الدينية ألجافة التقليدية آلتي ما خدمت العراق و لا الأمّة يوماً مّا في حياتها و محنها, فما فائدة أنْ يكونَ أحدٌنا مَرْجعاً أو آيةً عُظمى بعد خمسين أو ستين عاماً لكنّهُ لا يفهمُ تلك الفروق “آلجوهرية”؟ و آلتّي بِفُقْدانها يفقدُ معها الأنسانُ إنسانيتهُ و يُحقّقُ أنانيتهُ بأبْشعِ صورةٍ كريهةٍ, بحيث لا يَحسّ بمظلوميةِ مُواطنهِ أوْ أخيهِ الأنسانِ؟
أو ما يجري حولهُ في المُجتمع آلأنسانيّ منْ تطوراتٍ أو مظالمٍ؟

ليأتي دور آلمراحل آلتكاملية آلعالية العملية في طريق المعرفة الألهية, و التّوحيد العملي و النبوة العملية و الأمامة العملية للبدء بالمراحل الأخيرة كتوليد المعرفةِ و العلمِ, و إستشراف المُستقبل, و غيرها, كلّ ذلك لتحقيق الكمال الأنساني ألذي يُعْتبرُ آلغايةُ من خلقِ الأنسان, و الوصول إلى المَعشوق الحقيقيّ بعد تجاوز كل “العشوق” المجازية في آلأرض, و الذي أعتقد أنّه لا يوجد في عراق آليوم مَنْ يُمكنهُ إعطاء هذا المفهوم حتى مُجرّد تعريفاً دقيقاً و صحيحاً حسب قرائتي لِواقعهِ و خباياهُ, ,ناهيك عن تطبيقهِ ثمّ تَعْميمهِ و نشرهِ كواجبٍ غائيٍ في الوجود.


مرة أخرى أتمنى لكم أيّها المُضحّون من القلب ألمُوفقيّة لإجراءِ العدالةِ الأنتقاليةِ في العراقِ .. ِلكنْ عليكمُ أنْ تُحدّدوا بدايةً ألثوابت المفقودة أصلاً في واقع العراق الدّامي و قبلَ كلّ شئٍ كشرطٍ للنجاح, لأنّنا بغير ذلكَ سَنُكرّرُ و نُديمُ الفوضى التّي نحنُ فيها, و التّي توارثناها عبر تأريخٍ مليئ بالمآسي منذُ حمورابي آلظالم و حتى يومنا هذا, و إلّا فبماذا يُفَسّرْ عندما يكون المَسْؤولون في الخط الأول و الثاني في حكومة العراق الجديدة المُنتخبة - و فيهم من ينتمي إلى أشرفِ حزبٍ .. كانَ يُسمّى بـ(حزب الدّعوة) و الذي عَرَفَتْهُ الساحةُ العراقيةُ و آلأسلاميّة بحزبِ الشّهداء آلعظام - يكون المَسْؤولين فيهِ من الكاذبين و السّارقين و المُحتالين و المُتكبرين و عديمي الأخلاق و الضمير!

فماذا يُمكنكَ أنْ تتوقعَ منَ آلآخرين في عراق البعث آلزنيم .. من الذّين ينتمونَ إلى ذلك التأريخ الأسود و إلى الأحزاب الوضعية آلجديدة آلتي أجْرَتْ مياهاً مُلوّثَةً كثيرةً في نهرِ الفكر العراقي؟


فهلْ في العراقِ حقاً بَعْدَ هذا .. مَنْ يُفكّرُ و يُنادي بالعدالةِ و قضايا آلفكر الأنسانيّ؟
ألباحث و المفكر
عزيز الخزرجي

No comments:

Post a Comment