Monday, January 27, 2014

ألثقافة العربية؛ بين آلانغلاق و آلأنفتاح!


لأنحطاط ألثقافة ألعربيّة؛ أسبابٌ نجهلها أو نتجاهلها, و سبب آلتجهيل هو أننا أصبحنا لا نهتم للأمر, بل همّنا آلأول و آلأخير إنحسر في سَوْق كلّ شيئ حتى آلعلم – بآلطبع ألشهادة – و ليس آلعلم ألحقيقيّ حيث لا وجود له.. بإتّجاه نيل ألمناصب ألعشائريّة و آلسّياسيّة و الأداريّة, و بآلتّالي تسطحت آلأفكار و أصبحتْ ألأكثرية لا تفقه شيئاً من الحياة!

(حكمة بليغة) كانت ختام مباحثنا في (فنّ ألكتابة و آلخطابة) قبل أيّام, لم أجدها في ثقافتنا ألعربية -آلمُنحطة .. بل وجدتها في سلوكنا بشكل عمليّ حيث كمؤشر للظلال في واقعنا و سلوكنا الثقافي و تعاملنا الأجتماعيّ في واقعنا أليوم!
و هي:

IF YOU CAN’T FIND SOME THING TO LIVE FOR, THEN YOU BEST FIND SOME THING TO DIE FOR.
[إنْ لم تقدر على إيجاد شيئ تعيش لأجلهِ, فآلأفضل ألبحث عن شيئ تموت لأجلهِ!]

هذه آلحكمة اللطيفة رغم أنها تدفعنا و تحثّنا بقوّة لطلب ألعلم و آلأبداع و آلأجتهاد ألحقيقيّ في مجالات الحياة .. أو الموت بدونها؛ إلّا أننا نرى بأنّ العرب لم يلتزموا سوى بالشطر ألثاني فيه للأسف و لسوء العاقبة, بسبب فقدان ثقافة الحياة و التمدن من وجودهم!

و ما يفعله داعش و آلسلفييّن اليوم هو: لكونهم لا يمتلكون شيئاً من العلم و التقوى و الفنّ كي يعيشوا لأجله في آلحياة بسبب عقيدتهم التكفيرية المنحرفة!

و رغم إن آلأسباب التي أدّت لما نحن عليه عموماً مجهولة للكثيرين, خصوصا لو قارنا وضعنا مع أوضاع آلكثير من الشعوب و الأمم .. إلّا أنّه من آلمُمكن الكشف على الأقل عن ملامحها و آلأعتراف بأنّ روّاد أدبنا ألعربيّ – ألأسلاميّ – ألقديم و آلمُعاصر منذُ "ألمُعلّقات ألعشر" و حتّى يومنا هذا و تألق آلآيات ألعظام من جانب و داعش والقاعدة في آلجانب آلآخر .. ألذين لم يُحقّقوا شيئاً, بل حرّفوا رسالتنا الأسلامية – آلأنسانيّة و صاغوها بحسب منافعهم و عقولهم ألضّيقة!!

لذلك طغتْ ألفوضى و آلغرور و آلأنا و آلعُنف و آلحرب و لغة ألأستغلال و آلقوّة و آلمؤآمرة و آلهجوم و آلقتل و آلقنص و آلذّبح و آلعشائريّة على علاقاتنا و ثقافتنا و تأريخنا, و لعلّ آلأنقلابات و آلمذابح و آلكَومات آلتي تكرّرتْ و تتكرّرُ كلّ يوم في حاضر بلادنا خصوصاً في آلعراق و آلشّام و آلخليج و مغرب آلوطن و مشرقه خير دليل على هذا آلنّتاج ألمعكوس من آلفكر ألأستغلالي ألجاهليّ ألمُتوحّش الذي تركه السابقون و عمّقه الحاضرون حتّى تعمّم و إنتشر على كلّ صعيدس و في كلّ مكانٍ في بلادنا ألعربيّة.

و بإجراء مقارنةٍ أوليّةٍ بين أدبنا و أدبيّاتِ ألثّقافات ألأخرى كآلفارسيّة و آلصّينيّة و آلهنديّة و الأنكليزيّة و حتّى آلبربريّة نرى أنّ هناك فوارق كبيرة بينهما في آلمنشأ و آلمنحى, و رغم أنّ إختلاف آلثقافات شيئٌ طبيعيّ تعود لعوامل عدّة ليس محلّ بحثنا هنا .. لكنّ آلمعيار ألأساسيّ ألمُشترك ألّذي يُميّزها عن بعضها؛ هو مدى قرب و تناغم تلك آلثقافات مع قلب و وجود ألأنسان و بآلتالي سوقها في عمليّة ألبناء ألحضاريّ و آلأنسانيّ ألّتي باتتْ آليوم ألمعيار ألأوّل في تقييم ألشّعوب, و يأتي آلدّين(ألأخلاق) ثمّ آلأدب في مقدّمة ألعوامل آلتي تُشكّل و تؤطر ثقافة من آلثقافات.

(ألأدبُ ألحقيقيّ) هو ذلك آلذي يستطيع أنْ يستنهض كوامن ألأبعاد ألأنسانيّة و مشاعر آلمحبة و آلتواضع و آلأخلاص في وجود و ضمير ألأنسان و آلمجتمع لنشر آلأمن و تفعيل آلكرم للتوجه بآلتوازي نحو معرفة أسرار ألوجود و فلسفة خلق ألأنسان من أجل بناء الحضارة الأنسانية.

و إنّ (آلأدبَ ألأسمى) ألّذي يتقدّم و يرتقي على (آلأدب ألحقيقيّ)؛ هو ذلكَ آلأدب ألّذي يُحقّقُ "الآدميّة" في وجود آلمجتمع بغضّ ألنّظر عن القومية و آلجنسية و آلمذهب و آلدّين و آللغة, و هذا آلنّوع من آلأدب ألأسمى هو آلذي سيكون رائداً في حركة آلمُجتمع ألبشريّ كَكُل عاجلاً أو آجلاً, و هو آلذي سيُنهي نتيجة ألمعركة ألدائرة في صراع ألحضارات بين آلأمم آلتي وراء كلٍّ منها ثقافة مُعيّنة و خصوصيات تكوينة معقّدة!

لا خير في أمّة تسير بلا بصيرة و أخلاق و أدبٍ هادفٍ لتحقيق ألعدالة و آلمساواة و مكارم الأخلاق لبناء ذات الأنسان و إحياؤه من أجل كشف أسرار آلحياة و الأرض و التكنولوجيا!

- ما فائدة ألسّياسة .. بلْ كلّ حكومات ألأرض ألتي هي نتاج آلفكر "ألبشريّ" في نهاية ألمطاف .. حين لاتهدف لما أشرنا .. بل بآلعكس تكون سبباً للخصام و آلحروب و آلأستغلال و آلتّرفع و آلطبقيّة!؟
- ما فائدة آلأدب حين يكون مصدراً للعنف و آلتّسلط و آلقسوة و نبذ حقوق آلأنسان و آلمرأة و آلأطفال!؟
- ما فائدة ألدِّين حين يكون سبباً لتفريق شمل ألأمّة و تقسيمها إلى مذاهب و كيانات و أحزاب!؟
- ما فائدة مؤسسات ألدولة و قوانينها؛ حين تكون بؤراً للظلم و آلتّميز ألكبير في آلحقوق و آلمُخصصات و آلحمايات و آلحقوق ألطبيعيّة!؟

لم أعد أستسيغ تلك آلمقولة ألصّفراء من آلطفيليين و أهل ألبدع و آلنفاق و آلمصالح الخاصة .. [بكون آلدِّين طاهرُ و صحيح و لا إشكال فيه أو عليه .. لكنّ آلمشكلة في آلمُعتنقين لهُ]!؟

و سؤآلنا آلأول للقائلين بذلك, هو:

أيّ دين هذا؟
ما هي خصوصياته؟
هل تعرفه يا من تُعرّفهُ؟
أين آلدّليل في معرفتك؟
بل نقول بآلعكس .. من حيث أن أكثر من مليار مسلم من ذوي اللحايا و الدشاديش الطويلة يلتزمون بدينٍ جاف متحجرٍ يأمر بآلظلم و القسوة و التنفر و الأنتقام تكفير الناس و يسعون من خلال خلاياهم في داعش و النصرة والقاعة و من ورائهم الوهابية من تدمير كل القواعد الأنسانية و الاسلامية في العالم!
هذا هو واقع الدِّين الذي عرفه آلناس اليوم في بلادنا العربية!

لا شكّ إنّ آلدّين نظيفٌ و طاهرٌ حين نزلَ من آلسّماء كماء آلزّلال .. لكنّه و بعد ما إختلط بطين ألأرض و آلأنفس تغيير لونه و طعمه و رائحته, و لم يعد ذلك آلدِّين آلحق حقاً كما آمن به آلأمام عليّ(ع) و طبّقهُ بكلّ حذافيره!

و بما أنّه لم يعد وجود حقيقيّ للدِّين من دون آلمتديّنيين ألمُتمسكين به من حيث أنّ آلأسلام ألذي هو خاتم ألأديان محفوفٌ بآلمسلمين, و هكذا بقية آلأفكار و آلعقائد, لذلك يتجسّد آلفكر من خلال ألحاملين له و المُدّعين إليه على أرض ألواقع!

من هنا و بعد آلحقب التأريخية ألسّوداء آلتي خلّفتها الحكومات ألظالمة التي إدعت الأسلام و منذ وفاة الرسول(ص)؛ تكرّرت آلدّعوات لقراءة جديدة له و أعادة جذريّة في ألأسس المعرفية للأسلام و بآلذات (أصول ألعقائد) الأسلاميّة ألّتي لا تقليد فيها و هي على آلأكثر خمسة(1), و آلسّعي لمعرفة آلآداب و آلقيم آلأخلاقيّة ألّتي أراد آلقرآن بيانها, بإعتباره ألكتاب ألخاتم ألّذي قرّره ألباري تعالى لهداية آلناس نحو آلتواضع و الأستقامة و المحبة و آلأنصاف و العدالة لتحقيق حالة الآدمية فيهم لا غير!

لا جدوى و لا هدف في أصدار فتاوى مكرّرة في"آلعبادات" و "المعاملات" ألفقهية ألمُتحجّرة إنْ لم تُحقّق في آلمُقلَّد أولاً ثم آلمُقلِّد ثانياً؛ حالة ألتّواضع و آلعدالة و آلأستقامة معاً وهيهات ذلك, لكون العبادات المجردة الخالية من الروح و الحركة لا أثر لها في قلب الأنسان, و لا يُمكن أن تكون مؤثراً و فاعلاً خصوصاً حين يتعلق الأمر بموارد و خيرات و أموال و كرامة ألأمة ألتي يشترك فيها آلجّميع بآلتّساوي!

بمعنى لا يجوز إطلاقاً أن يتمتع ألفقيه أو ألحاكم أو المسؤول ألتّابع بحقوقٍ مضاعفةٍ و إمتيازات إستثنائية بآلمقارنة مع حقوق العامل أو المقاتل أو أيّ كان من أبناء الوطن الواحد على الأقل .. إن لم نقل كلّ آلأمّة!
و لنا في حكومة آلأمام عليّ(ع) بآلأمس مثلاً على ذلك و كذلك في حكومة الدولة الاسلامية المعاصرة اليوم مثالاً حياً لكلّ المعاصرين.

من هنا يُمكن لأيّ عقلٍ بسيط أنْ يكتشف بسهولة حالة ألنفاق – ألّتي هي أسوء صفة في آلأنسان – و آلتي قد يتصّف بها سياسيونا أو مراجعنا أو حُكّامنا ألمُدّعين للدِّين و ذلك بمقارنة أوضاعهم الأقتصادية و الأجتماعية مع آلرّعيّة (ألأمّة) في آلجانب ألمقابل .. حيث إن مقدار الظلم يكون كبيراً بقدر آلفوارق ألطبقيّة و آلأجتماعيّة و آلأقتصاديّة ألجليّة بين آلطرفين!

لا يكون ألأديب أديباً و من ثم فقيهاً فمرجعاً فإنساناً و من ثمّ أماماً للأمّة ما لمْ تتحقّق في وجوده حالة ألآدميّة, و هذا هو آلمعيار الألهي ألذي أشار له تعالى حين كرّم بني (آدم) و لم يقل بني(بشر) أو بني(انسان) ثمّ سخّر له كلّ شيئ(2) بجعله أكرم آلمخلوقات و خليفة له في آلأرض, فهل يا تُرى تحقّقت آلآدمية في وجود من يدّعي آلدِّين و آلمرجعيّة و هم يعيشون في عالم يختلف كلّياً عما يعيشه معظم أبناء الأمة الأسلامية و على كلّ صعيد خصوصاً ألمادي و المعنوي و آلعلميّ, بحيث إبتكروا بأنفسهم مصطلحات تشمئزّ منها نفس كل أنسان و ليس آلآدمي فقط, و أبسطها إطلاق صفة آلخواص و (آية الله) على أنفسهم و صفة العوام(ألجهلاء) ألّذين ليس لهم نصيب من آلعلم بنظرهم, يضاف لذلك أرصدتهم المليونية في بنوك اليهود!!؟؟

لذلك كلّه لا مرجعيّة حقيقيّة للأسلام العلوي ما لم يصل دعاتها مرحلة ألآدمية كما كان آلصّدر ألأول(قدس) و آلأمام ألخميني(قدس) و من تابعهم من أحفاد سلمان الفارسيّ(ألمحمدي) كآلفيلسوف بهشتي و مطهري و شريعتي ألذين تحقّقت في وجودهم حالة آلآدمية!

و قدْ بيّنّا في "مقالاتنا" ألسّابقة و بحسب تقريرات الله سبحانه و تعالى و كما جاء في كتابه العزيز .. الفرق ألمعنوي ألوجودي بين كل فئة و صنف, حيث هناك فوارق كبيرة بين:

ألبشريّ(ألبشر),
ألأنسانيّ(الأنسان),
ألآدميّ(آدم),

بل يعتقد بعض العرفاء الكبار من أمثال السيد عبد الكريم الحائري مؤسس الحوزة العلمية في قم بأن بلوغ مرحلة الآدمية شيئ غير ممكن(3)!

و لعلّ قائلٍ يقول – خصوصاً ألمتعصبين ألدّينيين ذوات ألبعد الواحد في آلتعامل و آلتّعاطي في الحياة؛
(بأنّ ألأسلام و بآلذّات (ألقرآن) و (نهج ألبلاغة) هما أمّ و مصدر ألآداب و آلبلاغة في آلوجود, و لا حاجة لنا بغيرهما, و كما أكّد و أفتى بذلك ألخليفة ألثّاني عمر بن آلخطاب, حين قال بعد فتح بلاد فارس في معرض جوابه على إسْتفتاء قائد جيش المسلمين .. حول مصير ألمكتبة ألمركزيّة للأمبراطوريّة ألفارسيّة ألتي غنموها بعد آلحرب!؟

فكان جواب عمر على ذلك آلسؤآل هو:

[هناك أحتمالان؛ أمّا أنْ تكونَ تلك آلكُتب موافقةً لرأينا أو مخالفة, فلو كانتْ تُخالف رأيْنا فلا حاجةَ لنا بها, و إنْ كانت مُوافقةً لرأينا فحسبنا كتاب الله, و في كلتا آلحالتين لا حاجة لنا بها و عليكَ بإحراقها جميعاً و آلسلام]!

هذه آلنّظرة آلضّيقة و آلثّقافة آلجّاهليّة سبّبتْ تحجيم عقول أكثر ألعرب و ألمسلمين شرقاً و غرباً و أسّست لثقافةٍ منحطةٍ وعصبيّات مقيتة مختلفة تغلغلتْ و إمتدّت في عقول ألعرب و ألسّلفيين بشكلٍ خاصّ و أدّت بآلتّاليّ إلى ما نحن عليه أليوم, من تمرّد على كلّ آلقيم و آلآداب و آلعلوم و آلتّجارب آلأنسانيّة و آلعلاقات ألأجتماعيّة بحيث باتَ هضم حقوق ألنّاس عندنا ليس فقد شيئاً عاديّاً بلْ يتقرب القائمين بها إلى الله بتصورهم!

أمّا آلمرأة في ثقافتنا فما تزال عورةً و يهضم حقوقها بشكلٍ سافرٍ, بينما تُعتبر رمز آلجّمال و محور آلمحبة و آلوئام ليس فقط داخل ألعائلة بلْ في كلّ ألمجتمع .. بلْ تُمثّل بوجودها و دورها (كلّ آلمجتمع) بحسب ألتّعبير ألأدبيّ ألرّاقيّ لأمام ألأمّة ألرّاحل ألخُمينيّ ألعظيم(قدس) حين قال: [إذا كان آلرّجل نصف آلمجتمع فأنّ آلمرأة هي كلّ آلمجتمع].

و آلعجيب أنّ ألمُدّعين آلجّهلاء من آلشّيعة و آلسُّنة و على رأسهم ألسّاسة و آلحاكمون و آلفقهاء و بسبب ما أشرنا لهُ؛ يأكلون آلحرام و يهدرون حقوق آلناّس و يدعون بجانب هذا بألسنتهم و بلا حياءٍ للقرآن و لمذهب أهل ألبيت(ع) و نصرة الدّين و حقوق الناس .. ناسين أو مُتناسين بأنّ الله تعالى يمقت آلذين يقولون ما لا يفعلون, و يغضب و ينتقم من آلذين يعملون بعكس ما يقولون!

أمّا آلمذاهب الأسلاميّة الأخرى فأنّها وصلتْ حداً إعتبرتْ معها تفجير و قتل و ذبح ألآدمي ألذي أكرمه الله تعالى لمجرد آلرأي؛ قربةً لله و كأنّهم يذبحون آلكبش أو آلدّجاج!

لا خلاف بين أهل ألبصيرة و "أهل ألقلوب" بأنّ آلقرآن و سنّة آلرّسول(ص) و أهل بيته ألكرام(ع) قد جمعا معاً أسرار ألوجود و آلقيامة و ما بعدهما, أيّ علم ما كان و ما سيكون, و هذا شيئ صحيح لختمية ألرّسالة؛

لكن مَنْ فسّر آلقرآن أو نهج ألبلاغة على حقيقتها .. و كما هو آلمطلوب في آلمنهج آلألهيّ ألأصيل!؟

لا أحد حتّى يومنا هذا تمكّن من ذلك .. بلْ آلمُصيبة إنّ (حوزتنا ألصّامتة) ألّتي تدّعي خط "ألرّسالة ألأسلاميّة ألأصيلة" قد أجرمتْ بحقّ ألقُرآن الذي هو الثقل آلأكبر و أهل ألبيت(ع) الثقل الأصغر ..مُدعية الزهد و آلأستغناء في الظاهر بينما تمتلك أرصدةً و نساءً و أبناءً و أحفادً و تسميات كاذبة لا يمتلكها سوى شيوخ الوهابية في الخليج, خصوصاً إذا علمنا بأنّ "آيات الله ألعظام" في النجف الأشرف بحسب إطلاق ألقاعدين ألجّهلاء عليهم تسمية "آلمرجع الأعلى"؛ إعتبروا بأنّ من يجهد نفسهُ لتفسير ألقرآن يكونُ بمثابة ألمُضحيّ بنفسه بلا عوض .. أيّ لم يستفد من وجوده طبقاً لإسلامهم, و كما يظهر ذلك من خلال مباحثات ألشيخ ألفيلسوف ألمطهري مع آية الله العظمى السيد الخوئي أثناء زيارته للنجف في نهاية الستينات و تعبير آلأخير بحقّ آلعلامة ألفيلسوف الطباطبائي صاحب تفسير الميزان(4).

إذن الأدب ألحقيقيّ أيها آلأخوة؛ هو آلأدب ألّذي يُحيّ قلوب و ضمائر ألنّاس و ينشر ألمحبة و آلوئام و الأنسجام و آلأدب أينما كان و من أيّ إنسانٍ مبدعٍ و بأيّة لغةٍ كانَتْ ..

فيا أيّها آلناس؛ إنفتحوا على آداب ألأمم و ثقافاتها و خوضوا آلأسفار, خصوصاً في آلأدب ألفارسيّ و آلأنكليزيّ ثم آلصيني و آلهنديّ(5) و غيرها!

لأنّ ألمثقف لا يكون مثقفاً .. و آلأديب لا يكون أديباً .. ما لم يُقارن ألآداب بعد معرفة لغتها و فنونها و آلياتها و أهدافها و بآلتالي كشف علّة تباين آلثّقافات و غاياتها آلسامية!

فمن من أساتذتنا و فقهائنا التقليديون يعرف ذلك!؟

أمّا (آلمُفكر) و (آلفقيه) ألحقيقيّ ألمُخلص .. فلا نتكلّم عنه, حيث لا وجود لهما في أمّة ألعرب ألنّائمة للأسف, و لا جدوى آلآن للتحدث عنهم و عن خصوصياتهم, و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم!
عزيز الخزرجي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أصول الدين: التوحيد – العدل – النبوة – ألأمامة – ألمعاد!
و لا تتحقق في وجود الأنسان تلك الأصول ما لم يتجنب التقليد أولاً, ثم يبدأ بآلسفر لعبور المحطات السبعة:
الطلب – العشق – المعرفة – التوحيد – الأستغناء – الحيرة – الفقر و آلفناء
(2)[و لقد كرّمنا بني آدم و حملناهم في آلبرّ و آلبحر و رزقناهم من آلطيّبات و فضّلناهم على كثير ممّن خلقنا تفضيلا] سورة ألأسراء / 70.
(3) يُحكى أن آية الله العظمى السيد عبد الكريم الحائري مؤسس ألحوزة العلمية في قم قبل أكثر من قرن .. قد أعطى لأحد تلامذته بعض المال للزواج, و كان طالبٌ آخر قد سمع بتلك آلمساعدة, فذهب هو آلآخر إلى السيد و طلب منه بعض المال, لكن السيد إعتذر قائلاً له؛ لا أملك شيئاً آلآن, فأنزعج الطالب من ذلك, و كرّر سؤآله في فترة لاحقة و لكن دون جدوى, و ما كان من الطالب إلا أن بدأ بطعن السيد كلّما رآه في مكان خاص أو عام بآلقول: [ عالم شدن جه آسان إنسان شدن جه مشكل] و تعني: [ من السهل أن تكون عالماً و من الصعب أنْ تكون إنساناً], ممّا يعني بأنك يا "سيد عبد الكريم", أيها العالم الذي ترأس هذه الحوزة لست بإنسانٍ .. بل شيئ دون ذلك.
و في أحد الأيام و بينما كان السيد يمرّ من السوق لحقه ذلك الطالب و كرّر جملته المشهورة تلك(من السهل أن تكون عالماً و من الصعب أن تكون إنساناً], فناداه آلسيد عبد الكريم الحائري, و همس في أذنه قائلاً:
دعني أصحّح لك العبارة: [من آلسّهل أن تكون عالماً و يستحيل أن تكون إنساناً].
و إعلم بعد هذا بأنّ مرحلة الأنسانية .. هي المرحلة التي تسبق مرحلة (ألآدمية), فتفكّر أيها الأنسان .. حالك الذي فيه؛ متى تصبح إنساناً و ليس شيئاً آخر بحسب تقريرات العلماء الصالحين كما أسلفنا!!؟؟
(4) راجع "ألمحاضرات ألعشرة" لآية الله ألفيلسوف مرتضى ألمُطهري, بآلفارسيّة.
(5) تصور كمْ هبط و أنْحطّ مستوى آلعلم و آلأدب و ألثقافة ألعراقيّة و آلعربيّة؛ حيث ما زالوا يستخدمون صفة "الهندي" على آلبلهاء و الصادقين ألبسطاء كصفة لذمّهم و تحقيرهم, بينما الحديث يقول: (اكثر أهل الجنة من البلهاء), يُضاف لذلك بأنّ آلهنود تطوروا و سبقونا في كلّ شيئ رغم عدم إمتلاكهم للخيرات و للموارد الطبيعية كما نحن, و من هذا يُمكنك تُقيّم وضعنا آلثقافي و العلمي ألمبتذل و ما وصلنا إليه على أرض الواقع.

No comments:

Post a Comment