Monday, November 29, 2021

الصدريون أمام إمتحان مصيري إما إنقاذ العراق و خلاص الشعب من هيمنة المحاصصة التي خلفت مظالم لا تقل عن مظالم صدام .. و يحتاج هذا إلى مواقف ثورية و وطنية شجاعة لدحر الباطل و إحياء نهج الصدر الذي قتله طلاب السلطة و الدّنيا و الرواتب خلال عقدين تقريباً؛ أو الرجوع إلى خيارات الأطار(التنسيقي) أو شيئ شبيه بذلك .. لترضية الاطراف و عودة المحاصصة لكن بعناوين و أغلفة مختلفة و هكذا لتستمر الامور على ما كان عليه الوضع سابقا ليزداد الفساد و يحترق أخر الآوراق على صخرة الجهل و الأمية الفكرية التي ميّز السياسيّن في العراق. و في حال ذهاب الصدريين إلى المعارضة ستكون الحكومةُ تحت المِجهَر، وتكون الصفقات بين الفرقاء السياسيين التي تشكلت على أساسها الحكومة في مواجهة حائط الصَّد الصدري في تمريرها وتنفيذها، لاسيما أن الذهاب نحو المعارضة يعني وجود عدد من النواب المستقلين ممكن أن توحّدهم مواقفُ المعارضة مع النواب الصدريين ويشكلون الثلث المعطَّل للاتفاقات التي تحاول الحكومةُ تمريرها في مشاريع الموازنة الاتحادية القادمة. فالمعارضة لن تكون معارضةً ديكورية وإنما معارضة فاعلة تستجوِب الوزراءَ على كلّ شاردةٍ وواردة. مشكلة التيار الصدري لا تنحصر مع الفرقاء السياسيين، وإنّما مع شارعٍ مُتذمّر لم يعد يثق بكلّ الوعود والخطابات السياسية التي تتبخَّر مع أوّل اختبار حقيقي لِمصداقيتها وتحويلها إلى واقع ملموس، فالصدريون تبنّوا حكومةَ التكنوقراط (المستقلين) في حكومات العبادي وعبد المهدي والكاظمي، وهذه الحكومات استكملت مسيرةَ الفشل والفساد ولم تنتج تغيّراً في إدارة مؤسسات الدولة. ولذلك مسألة الثقة في الدعوةِ لحكومةِ الأغلبية مع أطراف سياسية مؤسسة وشريكة في جمهورية الفوضى قد تكون معركةً متعددة الجبهات، أهمّها الرغبة في إسقاط هذه الحكومة مِن قبل القوى المعارضة، وجبهة الجمهور الذي ينتظر الكثيرَ من الاستحقاقات على المستوى الاقتصادي والخَدَمي. والمعركة الأصعب في جبهة إيقاف تداعيات الفَساد وسوء الإدارة لِلسنوات الماضية. وكيفية تحقيق الانقلاب الوظيفي لِمنظومة الحكم التي أصبحت تقتصر على تحقيق مصالح الطبقة السياسية وإهمال مصالح الشعب. سواء أكان الصدرُ هو مَن يشكّل حكومةَ الأغلبية أو يذهب إلى المعارضة، فالموضوع لا يقتصر على هذه الخيارات فقط. وإنما بالسلوك السياسي الذي يجب أن يَشرع الصدريون في تغييره، فحكومة الأغلبية لا تعني الاستئثار بالحكم أو تقاسم مغانم السلطة مع الشركاء القدماء-الجُدُد في هذه الحكومة. وهذه الحكومة إذا لم تتشكل على أساس مشروع واضح وخارطة طريق تريد استعادة الدولة وفاعلية النظام السياسي فالذهاب إلى المعارضة أفضل بكثير مِن حكومة أغلبية تتشكل على وفق صفقة يشترط فيها ضمان تحقيق مصالحهم الخاصة وليس المصلحة العامة. مشكلةُ الصدر قد تكون مع الفرقاء السياسيين الشيعة باعتبارهم المسؤولين عن تسميه رئيس الحكومة، فهم لا يستطيعون الرضوخ لِمطالبته بحكومةٍ أغلبية؛ كونها تعني قبولَهم بشروطِ الصدر التي تهدد مناطقَ نفوذهم وهيمنتهم على الدولة ومواردها. ولا هم قادرون على شطبه وتجاهله؛ لأنَّه يمتلك المقاعد البرلمانية الأكثر عدداً. وإذا توجّه نحو المعارضة وشكّل تحالفاً معارِضاً داخل البرلمان واستند إلى سَخَطِ الشارع وتذمّره فإن أي حكومة تتشكل سوف تسقط في أوّل اختبار سياسي لها. ولا هم قادرون على التعامل معه بمنطق المصالح العامة، لأنَّ الصدرَ في المقابل لا يمكنه الذهاب نحو حكومة أغلبية بشراكة مع أطراف سياسية لا تتوافق معه بالحد الأدنى مِن الغاية من هذه الحكومة، وهي تحقيق الإصلاح كما يرفع شعارَه الصدريون! فالزعامات الكردية تعوّدوا على شراكةٍ في مغانم السلطة وتقاسم لاقتصاد الدولة ويصوّتون لِمَن يضمن مصالحَهم. أما القيادات السنية التي تصدّرت انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول تبحث عن ضمان لتثبيت الواقع السياسي الجديد وبما يضمن توسيع دائرة نفوذها وترسيخ زعماتها، وهذا يحتاج إلى اتفاقات ماليّة وسياسية مع الطرف الذي سوف يشكّل الحكومة. لذلك أعتقد أن حكومة مشروع إنقاذ وطني بشروط الصدر قد تكون أهم مِن الدعوة إلى حكومة أغلبية بتوافقات يفرضها الفرقاء السياسيون. العارف الحكيم عزيز حميد مجيد

No comments:

Post a Comment