Friday, February 03, 2023

يستحيل تأسيس دولة في العراق :

يستحيل تأسيس دولة في العراق: يستحيل تأسيس دولة عادلة في العراق خصوصاً أو أية دولة عربية و حتى إسلامية .. ربما إستثناءاً دولة واحدة فقط !! و قد تحدثنا في أكثر من كتاب عبر مؤلفاتنا العديدة عن دور الكتاب و الثقافة و الفكر و الفلسفة في خلاص الناس و الأمم و الدول من القهر و التبعية و التحاصص و الظلم الذي ما إنفك عن أوطاننا و بلادنا بسبب الجهلاء الأميين فكرياً الاغنياء بآلتراكم و الحشو وتسطير الوقائع البالية! و أكدنا مراراً في كل كتاب و مقال؛ بأن سبب تخلفنا هو نتيجة إهمال و محاربة الفكر و الثقافة و المفكرين و الفلاسفة من قبل الأحزاب و الحكومات التي تتوالى علينا في كل عصر و مصر .. و إليكم بعض المؤشرات التأريخية عن سبب دمارنا و أنحرافنا و وحشيتنا خصوصاً في البلاد العربية التي لا يمكن أن تكون آمناً أو مستقراً في يوم من الأيام إلا بآلتبعية و الوحشية و الداعشية بكل مسمّياتها التي تعادي الكتب و الثقافة و الفكر و الفلسفة كعدو لدود يجب القضاء عليها و تشريد أصحابها و البقاء على الببغاوات الذين لا يتقنون سوى التكرار و التراكم ! إنّ حرق أو إتلاف الكتب في التراث العربي - الإسلامي تفرّدت به الحضارة العربية الإسلامية بشكل عجيب، و هو إتلاف إمّا أن يكون قصدياً متعمداً، و هو على نوعين: إتلاف السلطة للكتب، سواء أكانت هذه السلطة حاكماً، أو مجتمعاً، أو فرداً، أو العادات والتقاليد و التقليد.. أو إتلاف شخصي للكتب، لأسباب علمية، أو اعتقادية، أو نفسية، وهو كثير في تراثنا العربي الإسلامي، بخلاف الإتلاف غير المقصود في الحروب و الغزوات كآلتتار و المغول، أو الحرائق و الكوارث الطبيعية. ويقول الكاتب ناصر الحزيمي : [تعددت طرق إتلاف الكتب في تراثنا، إلا أنها لم تخرج عن أربع طرق معروفة ومعهودة وهي: أولاً: إتلاف الكتب بالحرق. ثانياً: إتلاف الكتب بالدفن. ثالثاً: إتلاف الكتب بالغسل بالماء والإغراق. رابعاً: إتلاف الكتب بالتقطيع والتخريق]. . يقول العلامة ابن خلدون فى كتابه ( مقدمة ابن خلدون ) كاشفاً الستار عن خصال العرب ... " العرب إذا تغلبوا على الأوطان؛ أسرع إليها الخراب و السبب فى ذلك إنهم أمة وحشية باستكمال عوائد التوحش وأسبابه فيهم فصار لهم خلقاً وجبلة ... " و يقول ايضا : العربي لا يطيق أن يرى حضارة مزدهرة وانه يميل إلى تخريبها كلما سنحت له الفرصة , وكان الجنود الذين صحبهم عمرو بن العاص فى فتوحاته فى مصر من البدو القح الذين لم تهذبهم الحضارة والمدنية بعد , ومن ثم فإنهم لم يقدروا الكتب والمكتبات حق قدرها ". و يكشف عن سابقة للعرب فى حرق الكتب فيقول:. أن للعرب سابقة حرق جميع كتب الفرس بإلقائها فى الماء والنار الأمر الذى يؤكد وصمة العاص فى حرق مكتبة الاسكندرية كانت السلطات تمارس العنف نحو العلماء أنفسهم لهاذا كانوا يحرقون كتبهم بأيديهم بدءً من (أبو ذرا الحافظ) ثم (أبو السعود) و (الزاهد) و (الدارمي) و (الطائي) و (ابن جبير) و (الربعي) و (التوحيدي) و (القرطبي) وغيرهم من العلماء والمفكرين. تأريخ حرق المكتبات : حرقت في العهود الاسلامية مكتبات عديدة نذكر منها علي سبيل المثال الآتي:, اولا مكتبة الاسكندرية :عندما غزا العرب المسلمون مصر في عام 641م وقف عمرو بن العاص أمام مكتبة الإسكندرية العملاقة محتاراً .فبعث الى عمر بن الخطاب يسأله ماذا يفعل بها, فكان جواب عمربن الخطاب : أنه إذا كان فيها ما يخالف شرع الله أن يحرقها، فماكان من عمرو بن العاص إلا أن أحرق مكتبة الإسكندرية بكل ما تحتويه من أعظم المؤلفات والنفائس العلمية في العالم القديم و كانت هذه نهاية أعظم مكتبة في تاريخ البشرية على يد الغزاة العرب! كان أوّل من تعرض لحرق العرب لمكتبة الإسكندرية هو الرحالة الفارسى والطبيب المشهور عبد اللطيف البغدادى الذى عاش فى الفترة ما بين ( 557 - 622 هـ. ) ... وقد زار هذا الرحالة مصر فى نهاية القرن السادس الهجرى , وكتب عن أثار مصر وحوادثها فى كتاب أسماه ( الإفادة والإعتبار فى الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة فى مصر ) ففى ص 28 من هذا الكتاب , كتب هذا الرحالة ويقول: [أرى أنه كان الرواق الذى يدرس فيه أرسطو طاليس وشيعته من بعده ,وانه دار العلم التى بناها الإسكندر حين بنى مدينته وفيها كانت خزانة الكتب التى أحرقها عمرو بن العاص بإذن عمر بن الخطاب]. ثم يأتى ابن القفطى وهو مؤرخ مسلم مصرى عاصر البغدادى , وقد ولد فى مصر بمدينة قفط وعاش فى الفترة ما بين( 565 – 646 هـ. ) وقد تعرض ابن القفطى للحادث بشىء من التفصيل فى كتابه ( أخبار العلماء فى أخيار العلماء ) وهو ما ذكره جورجى زيدان فى كتابه ( التمدن الإسلامى)؛ قال يحى النحوى يعمرو بن العاص: [فأما ما لك به انتفاع فلا أعارضك فيه , و أما ما لا نفع لكم به فنحن أولى به]. فأمر بالإفراج عنه! فقال عمرو : و ما الذى تحتاج إليه ؟ قال : كتب الحكمة فى الخزائن الملوكية , و قد أوقعت الحوطة عليها ونحن محتاجون إليها و لا نفع لكم بها فقال عمرو : لا يمكننى أن أمر فيها إلا بعد استئذان أمير المؤمنين !؟ وكتب إلى عمر , فورد عليه كتاب عمر يقول فيه : [ و أما الكتب التى ذكرتها فإن كان ما فيها ما يوافق كتاب الله ففى كتاب الله عنه غنى , وان كان فيها ما يخالف كتاب الله فلا حاجة إليها . فتقدم بإعدامها جميعأً]!؟ فشرع عمرو بن العاص فى تفريقها على حمامات الإسكندرية وإحراقها فى مواقدها , و ذكرت عدة الحمامات يومئذ وأنسيتها فذكروا أنها استنفذت فى مدة ستة أشهر ! ثانيا مكتبة فارس: إن المسلمين عندما فتحوا بلاد فارس وأصابوا من كتبهم , كتب سعد بن أبى وقاص إلى عمر بن الخطاب يستأذنه فى شأنها فكتب إليه عمر: [اطرحوها فى الماء فإن يكن بها هدى فقد هدانا الله تعالى بأهدى منه وإن يكن ضلالاً فقد كفانا الله تعالى فاطرحوها فى الماء أو فى النار فذهبت علوم الفرس فيها ادراج الرياح]!!؟؟ ثالثا مكتبة بغداد : في العام 1171 قام صلاح الدين الأيوبي بحرق مكتبة دار الحكمة الفاطمية في القاهرة التي كانت بدورها أهم منارات العالم الإسلامي في ذلك الوقت, وأمر بنزع أغلفة الكتب و أن تصنع منها أحذية لجنوده ... وبذلك كانت نهاية الفكر الفاطمي ,الذي كان احياء للفكر اليوناني المصري الذي تم إحراقه أيام عمرو بن العاص. و قيل أن عدد الكتب التى تم تدميرها قد بلغت فى مصر والشام نحو أربعة ملايين مجلد. رابعا مكتبة المجمع العلمي :في يوم 18-12-2011 قام مجموعة من الغوغاء المصريين بميدان التحرير بحرق المجمع العلمي الذي يحوي على أنفس المخطوطات في الشرق ,ومن بين الكتب التي أحرقت النسخة الأصلية لكتاب "وصف مصر" الذي يعتبر أهم كتاب وصفي لمصر على الاطلاق والذي تم وضعه بأمر من نابليون بونابرت الذي أغرم بمصر وحضارتها وجلب معه من ضمن حملته الشهيرة أكثر من 300 عالم ليعملوا على وضع هذا الكتاب. إضافة إلى أغلب مخطوطاته التي يزيد عمرها على مائتي عام، و تضم نوادر المطبوعات الأوروبية التي لا توجد منها سوى بضع نسخ نادرة على مستوى العالم. يقول د. شعبان خليفة فى كتابه ( مكتبة الإسكندرية الحريق والإحياء) : [إن عمر بن الخطاب يمكن أن يكون فعلاً قد أصدر تعليماته المذكورة بحرق المكتبة و الكتب باعتبارها من تراث الوثني]. وقال ايضا : [تردد فى المصادر المختلفة حالات إحراق المكتبات على يد المسلمين فى بلاد أخرى غير مصر] .. كما قال : [إن سلوك المنتصر فى كل العصور بعد الانتصار العسكرى أن يأخذ فى تدمير فكر المهزوم حتى لا تقوم له قائمة بعد ذلك أبداً و يكون ذلك إما بإحراق و سحق الكتب و المكتبات أو نقل تلك الكتب إلى بلد المنتصر].. يقول لنا عبد الخالق سيد أبو رابية فى كتابه؛ ( عمرو بن العاص بين يدى التاريخ ) : [إن إحراق الكتب كان أمراً معروفاً وشائعاً , لكل مخالف ممن خالفه فى رأيه]. وذكر بأن عبد الله بن طاهر أتلف فى سنة 213 هـ. كتباً فارسية من مؤلفات المجوس. و يقول حاجى خليفة فى كتابه ( كشف الظنون فى أسامى الكتب والفنون) : [ أن العرب فى صدر الإسلام لتعلقهم وخوفهم من تسلط العلوم الأجنبية على عقولهم كانوا يحرقون الكتب التى يعثرون عليها فى البلاد التى يفتحونها كتب ناصر بن رجب من تونس مقالا عن (تدمير الآثار جريمة في حقّ ذاكرة الإنسانية]. و ذكر ان [حرق الكتب و المكتبات سنّة غير حميدة سار عليها إثنان من الخلفاء الراشدين كعقيدة لهم .. فقد أحرق عمر بن الخطاب صُحُفا جُمعت فيها أحاديث الرسول على ما ذكره ابن سعد في الطبقات الكبرى, و هي إشارة إلى تفسير الأمام عليّ(ع) الذي فصل الكلام في أسباب النزول مع التواريخ و الأحداث و حتى الأسماء المعنية التي أغاظت الخلفاء و أهل السقيفة لأنها كانت تشينهم و تنبذ مواقفهم من الرسول و الرسالة و المرسل! إن العرب فى صدر الإسلام لم يقنعوا بشىء من العلوم إلا بلغتهم وشريعتهم و ثقافتهم . وكما هو معلوم للجميع بأن الخليفة عثمان بن عفان قام بحرق جميع نسخ القرآن من قبل , وانه استبقى نسخة واحدة فقط بدعوى الخوف من التحريف!! و ماذكرته عن المكتبات العامة, اما المكتبات الخاصة فلا حصر لها منها مكتبة ابن رشد, ثم تدمير مكتبة المنصور في قرطبة في عام 1000. مكتبة الفقيه داود الطائي الذي يسميه (تاج الأئمة) الذي ألقى بكتبه في البحرو مكتبة بغداد و مكتبة الطوسي الذي إستطاع أن ينقذ بعض الكتب الخاصة عن أئمة أهل البيت (ع) حيث هرب بها إلى غرب العراق (النجف). وسفيان الثوري الذي نثر كتبه في الريح بعد تمزيقها وقال : [ليت يدي قطعت من ها هنا بل من ها هنا و لم أكتب حرفاً]. و أبي سعيد السيرافي الذي أوصى ابنه أن يُطعم كتبه النار خوفا من تسلط الأعداء عليها و بآلتالي ما يتبعه من ألم و حرقة في النفس . وهذا غيض من فيض والمقال هنا لايسمح بعرض اكثر من هذا الذي عرضناه. العارف الحكيم.

No comments:

Post a Comment