Tuesday, April 25, 2023

إزدياد الآلهة في عراق الجهل : ظاهرة جديدة بدأت تستفحل داخل العراق عبر وضع تماثيل لشيوخ العشائر في مناطقهم أو وسط الساحات و المدن, لتخليد ذكراهم لتصبح بآلتالي أهدافاً عسكرية للكرّ و الفرّ فيما بين العشائر التي تنسب لها تلك الثماثيل !؟ الخبر الموثق بالفديو الذي انتشر على مواقع التواصل هو هجوم عشائري لعشيرة معروفة على تمثال لشيخ عشيرة اخرى في ساحة عامة ، الخبر صدمة كبيرة ، ليس بسبب الهجوم ولكن بسبب وجود نصب وتماثيل لشيوخ العشائر في الساحات العامة والذي لم نسمع به من قبل . المعروف عن النصب والتماثيل إنها تقام لشخصيات قدمت للمجتمعات عطاءاً لا ينضب من العلم او الادب او العمل السياسي والاجتماعي الإنساني الذي أّثر على مجرى التأريخ بشكل إيجابي للمجتمعات ، والدولة هي المسؤولة على إقامة النصب والتماثيل . لا لأشخاص يتبعهم عدد من الناس يقيمون هذه التماثيل كيفما يشاؤون ، لأن التماثيل تمثل رمزية للوطن او للمجتمع الإنساني لا رمزية للعشيرة . هل ستدرس سيرة هؤلاء الشيوخ في المدارس والجامعات لأننا أصبحنا في غير حاجة لدراسة سير العظماء من أمثال نيوتن وإينشتاين وغاندي وسقراط وغيرهم فهؤلاء تركناهم للشعوب التي استفادت من عطاءهم وحتماً نحن لسنا من المستفيدين والا ما أصبح وضعنا بهذا السوء ، سنعلم ابناءنا بأن الحياة يمكن ان تتطور باللصوصية والفوضى والاقتتال العشائري وعندها ستّخرج جامعاتنا أطباء وعلماء ومهندسين مهمتهم الفصل العشائري ويجيدون الدكة العشائرية والمهوال والعراضة . هذا الذي يحصل عندنا ليس تخلف بل هذه كارثة ، نتألم على ما يحدث في بعض بقاع العالم من كوارث طبيعية كالزلازل والاعاصير التي هي خارجة عن إرادة الإنسان ولكن الكارثة عندنا اعظم من تلك الكوارث و الأكثر من ذلك ان كوارثنا من صنع ايدينا بإمتياز وبإصرار . لا تفرحوا ايها الناس بأن ارضنا بعيدة عن الكوارث التي تصنعها الطبيعة فكوارث عقولنا أشد إيلاماً ، فتلك الامم عندما تصيبها الكوارث لها عقول تعيد الحياة الى طبيعتها ولكن العقول عندنا تذهب بالطبيعة الطيبة الى الكوارث والواقع خير شاهد . بلد فيه خيرات الارض كلها وشعبه فيه أكبر نسبة من الأمية وأكبر نسبة من الفقر وأكبر نسبة من اليتامى والارامل وأكبر نسبة من المعاقين جسدياً ونفسياً وعقلياً وأكبر نسبة من القطيع ومن الظلم لهذا الشعب المغلوب على أمره ان تصنع التماثيل للشخصيات التي ساهمت في جعل حياتهم بهذا الشكل المؤلم . بمجرد حدوث خلاف عشائري توجهت الارتال المسلحة والكاسحات الى ذلك التمثال لتسقطه وتعلن الانتصار في صورة هزلية ومآساوية بنفس الوقت . بينما العالم يعيش في مدارات أخرى لإثبات وجودها بآلعلم و التطور و حتى الحرب؛ نرى العراقيون يحاولون تكريس الطائفية و العشائرية و الحزبية للأسف الشديد. فإنا لله و إنا إليه راجعون

No comments:

Post a Comment