Saturday, November 25, 2023

بلاد العميان : القسم الثاني

بلاد العميان – الحلقة الثانية: بعد نشري لمقال سابق بعنوان : [الأكثر رعباً من العمى] أو [الأرعب من العمى](1) .. أوردتُ فيه قصّة العميان (عميان البصيرة"القلب" و ليس عمى العين الظاهري) .. أقدّم لكم قصة أخرى كحلقة ثانية عن (بلاد العميان) التي توسعت على الأرض للأسف, خصوصا في أوساط شعوبنا بسبب الحكومات و الأحزاب الفاسدة التي أشاعت الفساد و الجهل ليسهل تسلّطهم لأجل نهب حقوق الناس و آلتحكم بمصيرهم وعلى نفس السياق السابق. أصل الرواية(القصة) مشتقة من كتاب (بلد العميان) و هي قصة قصيرة تدلّل على عبقرية كاتبها لأنها تبعث على الألهام و تقوية البصيرة و معرفة الحقيقة و حبها .. بقلم هربرت جورج ويلز. وقد نُشرت لأوّل مرة في عدد أبريل 1904م في مجلة (ستراند)، و أدرج عام 1911 في مجموعة القصص القصيرة لـ (ويلز), بعنوان : بلد العميان مع قصص أخرى، وهي إحدى أشهر قصص (ويلز) القصيرة الهادفة، و تحتل مكانة بارزة في الأدب العالمي الذي يتعامل مع العمى - عمى البصيرة - و كما أشار القرآن الكريم أيضا؛ [... إنها لا تُعمي الأبصار بل تعمي القلوب التي في آلصّدور]. أحداث القصة : فرّ مجموعة من المهاجرين بأنفسهم من السّلطات الظالمة في بلادها عبر جبال الإنديز ، و لكن حدثت انهيارات صخريّة كبيرة في جبال الإنديز عزلت هؤلاء القوم في وادٍ بعيد عن بقية العالم ، فعاشوا به إلى أن انتشر فيهم مرضٌ غريب أصابهم جميعًا بالعمى ، و قد فسروا ذلك بكثرة الخطايا التي ارتكبوها. وهكذا ظل هؤلاء المهاجرين يعيشون جيلًا بعد جيلًا في ذلك الوادي البعيد، وهم يتوارثون العمى و يُورّثونه إلى أبنائهم .. إلى أن ساقت الأقدار يوماً المستكشف البريطاني نيونز ، و هو خبير في تسلق الجبال كان في رحلة استكشافيّة مع مجموعة من الأصدقاء ، ولكن لسوء حظه انزلقت قدمه وسقط من أعلى قمة إلى أدنى ذلك الوادي المنبسط.. حتى ظن أصحابه أنه مات ، فلم يكونوا على علم بوجود وادي العميان الأسطوري ، لكنه لم يمت و سقط على كتلة من الثلج أنقذت حياته ، و حينما بدأ المستكشف الغريب المشي في ذلك الوادي .. رأى مدينة مبنية بشكل غريب غير متناسق ، يخلو من التنظيم وألوان بيوتها فاقعة ومتعددة ، وتخلو من أي نوافذ فتعجب من ذلك. واكتشف أن تلك المدينة التي يسير بها هي مدينة للعميان ، فأخذ يخبرهم عن نفسه ومدينته التي جاء منها، وأن الناس فيها مبصرون فتعجبوا ماذا يقصد بالبصر ، فحاول إفهامهم ولكن دون جدوى، ظنوا أنه مجذوب يهذي حدثهم كثيرًا عن جمال الدنيا وتنوع الألوان وحاول وصفها لهم ، ولكنهم لم يستمعوا له واتهموه بالجنون. و بعد أن فشلت كل محاولاته بإقناعهم أنه الأفضل ، و يمتلك ما لا يمتلكون قرر الهرب و لكن فشل فعاد إليهم معتذرًا وأنكر كل ما قاله عن البصر حتى يسامحوه ويسمحوا له بالعيش معهم ، فصفحوا عنه بعد أن قاموا بجلده ثم كلفوه ببعض. وفي هذا الوقت بدأ قلبه ينبض بالحب لفتاة جميلة من العميان ، لكن على عكس نظرته كانت نظرة العميان ، فقد كان يعتبرونها قبيحة جدًا لأن أنفها مدبب وأهدابها طويلة ، وحينما تقدم الشاب للزواج من والدها وقع الأب في حيرة ، أيزوجها من ذلك المجذوب الذي يعد في مرتبة أقل منهم جميعًا، أم يترك ابنته القبيحة دون زواج ! لذا طلب رأي الحكماء في ذلك ، فجاء رأيهم قاطعًا أن الفتى لديه عضوين غريبين بوجهه يقعان فوق أنفه ، هو يسميهما العينين وهما من أتلفا عقله ، لذا يجب نزعهما حتى يصير الفتى كاملًا عاقلًا مثلهم ، وبعدها يمكنه أن يتزوج الفتاة. بالطبع رفض الفتى أن يضحي بعينيه في البداية وملأ الدنيا صراخًا ، ولكن الفتاة التي تحبه ارتمت بين أحضانه وأخذت ترجوه أن يفعل ، وهكذا أصبح العمى هو شرط الزواج واكتمال المواطنة في ذلك المجتمع النائي. فرضخ الشاب وخرج لأخر مرة يودع العالم الساحر بجماله ، وأنهاره الزرقاء ووديانه الخضراء ، وسطوع شمسه الصفراء ولكنه توقف لبرهة، كيف يفقد هذا كله من أجل فتاة .. كيف ولماذا أقنعوه أن البصر شيء لا قيمة له برغم أن هذا خطأ اتجه إلي حاجز الجبال حيث توجد مدخنة حجرية تتجه لأعلي، وقرر أن يتسلقها وعندما غربت الشمس كان بعيدا جدا عن بلد العميان. نزفت كفاه وتمزقت ثيابه لكنه كان يبتسم، ورفع عينيه وراح يرمق النجوم وأخذ يفكر في كل شيء فانتصر بداخله حب الحياة وقرر الهرب للمرة الأخيرة وبالفعل فعل ذلك ونجا بنفسه بعيدًا عن مدينة العميان. ألعارف الحكيم عزيز حميد مجيد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) للأطلاع على القسم الأول من بلاد العميان(عميان البصيرة طبعاً) عبر الرابط https ://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=810294

No comments:

Post a Comment