Sunday, February 11, 2024

الأغتراب الحقيقي :

ألأغتراب آلحقيقيّ (Depravity) غربتنا في هذا الوجود بدأت يوم إنقطعنا عن آلأصل ثمّ هبطنا إلى آلدُّنيا .. على هذه الأرض ألدّنيّة مُرغمين أو راغبين لا أدري بآلضبط لصعوبة فهم آلآية المعنية بذلك(1) .. ثمّ آلفناها و آلفتنا شيئاً فشيئاً بكل قسوتها و حلوها و مرّها, و تعلّقنا بها بكل غباء و شهوة بينما كانت تردينا إلى أسفل السافلين مع إمتداد الزمن .. و رغم قسوتها و إنحطاطها ما زلنا بين بين في حُبنا لها! لكن تلك الغربة تضاعفتْ و تعقّدتْ مع توالي الحكومات و قسوة مَنْ أحاط بنا ثمّ مجيئ آلبعث الصّدامي الذي بدأ البعض يترحم عليه بعد السقوط لما لاقاه ثانيةً .. من الحكومات البديلة المتحاصصة و من ثمّ آلحكومات المتعولمة الواحدة تلو الأخرى بهندسة أصحاب الناطحات .. بل و من قبلهم أنظمة ظالمة .. و هكذا مذ فتحنا عيوننا على هذه الحياة التي لم نعد نذق فيها السعادة إلا قليلاً .. بل فقدنا السعادة من أوّلها .. و بدأتْ قصّتنا مع الله .. إنها قصّة الدَّم و الدّموع و الهجر و الغربة .. بداخل و خارج أوطاننا و في كلّ مكان .. فآلناس قد مسخوا رغم التطور و التكنولوجيا .. فأصبحنا غرباء حقاً . لذلك رأيناهُ تعالى معنا بعد أن أثبتنا و الفلاسفة فقط وجوده النظري فقط, و هو الوفي الوحيد الذي لم يتركنا بعد أنْ تركنا الناس .. كل الناس غرباء داخل مُدننا و وطننا و أهلنا .. حتّى آلمُقرّبين جهلوا علينا حقّنا لظنونهم الشيطانية, لا لشيئ سوى لإيماننا بآلله و جهادنا في سبيله ضدّ الظلم بكل صدق و بدون طمع في المنصب أو الدولار .. و كانت قصّةً دامية بحقّ .. وغربتنا غربة قاتلة, و نحن داخل وطننا و في أحضان عشيرتنا .. تحيط بنا الأحزاب المتربصة و قد وضعت أمامها شعار : [إما أنت معي أو ضدّي] .. و هو نفس شعار البعث الهجين!؟ فلماذا و كيف كان ذلك و متى و أين و لماذا كل هذا اللهوث للضياع لا غير!؟ عندما كُنا نواجه جيوش ألصدّاميين من الأمن و المخابرات و العسكر و الجيش الشعبي و الشرطة و الأمن العام و الخاص و آلأستخبارات و المخابرات و فدائيّي المقبور و جيوش الموظفين الخدم في آلمنظومة الأداريّة البعثيّة الذين لم يتقنوا سوى كتابة (التقارير) باسم البعثية العربية حتى على أتفه الأشياء!؟ و كُنا و الثلة المؤمنة نواجههم سرّاً و علانية .. و وجهاً لوجه و كم صبرنا و تواصينا على الحقّ ضمن خلايا الحركة الأسلامية التي لم تكن تتجاوز بضع عشر نفرٍ في سنوات الجمر و التحدي الكوني أمام شعب ضيّع (المشيتين) كما يقول المثل العراقي المعروف, و هم يلهثون وراء لقمة خبز و بأيّ ثمن, و نحن في أوساطهم حيارى نتعرّض للأعتقال و التشريد و القتل من النظام من جهة و من الشعب من الجهة الأخرى .. و رغم قلّة عددنا .. لكننا كُنّأ بحقّ عملة نادرة .. بل كل حركيّ كان يُعادل أمّة كاملة .. كان كل فرد أمّة في رجل .. كما كان إبراهيم(ع) أُمّة قانتاً لله! ألقاعدة الأساسيّة التي آمنّا بها, قضتْ بآلثورة آلشاملة كطريق وحيد لنيل السّعادة الأبديّة في الدّارين, خلاصتها هي أنك إذا أحسستَ بالغربة في مجتمعك، ثُرْ عليه كي تجعلهُ يشعرُ بالإغتراب عنكّ فيثورُ هو على نفسِه و ينضمّ إلى ثورتك عليه! و ها نحن قد فعلنا ذلك .. و الشعب قد ثار على نفسه .. إنما ثار و قد إنقسم لعدة تيارات و حزب و فريق .. لذلك بدأ التصادم أسوء من ذي قبل .. و نحن نرتقب أمام الجميع و هم لا يعلمون الطريق و لا يسمحون كي نعلّمهم .. و صَدَقَ (جبران خليل جبران) في مقولته المشهورة و كأنّه عنانا بآلذّات, حين قال: [لو رأيت الجّميع ضدّكَ و آلألوانُ غير لونكَ, و الكُلّ يمشي عَكْسكَ؛ لا تتردّد؛ إمشي وراء قلبك و تمسّك بمبادئكَ؛ و لا تأبه لهم .. حتى و إنْ أصبحتَ وحيداً .. لا تتردّد .. فآلوحدة أفضل من أنْ تعيش عكسَ نفسكَ لإرضاء غيرك]! أنْ تضطَرَّ إلى العيش في بلد غير بلدكَ، و في مجتمع غير مجتمعك؛ قد يكون نوعاً من آلاغتراب اليسير .. ألبسيط ألذي تسهل ألسّيطرة عليه و التعايش معه .. لكن إضطراركَ للعيش في مجتمع أو حتى بيت صغير مع زوجةٍ أو شريك لا يعترف بمشروعيّتك؛ بهويّتكَ؛ بتأريخك؛ بما تحمل من فكرٍ و قيمٍ؛ و ينبذ مُخرجات عقلك أو يمتهنها؛ لهو الأغتراب الحقيقي .. بل هو أشدّ أنواع الإغتراب تعذيباً لك و اختزالاً لإنسانيتكَ؛ و لوجودك الكونيّ حتى لو كان هذا المجتمع يتكوّن من مذهبك و أهلِك و عشيرتِك الأقربين .. إلّا إذا اخترتَ أنْ تكونَ ثائراً إيجابياً على واقعكَ و على مجتمعكَ هذا من ثمَّ، و رفضتَ أن تبقى مستسلماً سلبياً أمام إملاءاته، و خاضعاً خضوعاً كاملاً لثقافتهِ، فثورتكَ الإيجابيّة تعيدُ إنتاجَ علاقتك بالمجتمع على نحوٍ معكوس، لتغدوَ أنتَ آلأصل، و مجتمعكَ هو المغترب .. ألذي عليه أنْ يستجيب لمُخرجاتِ ثورتكَ الإيجابيّة كي يتحرَّر من إغترابه عنكَ! كنا نتحسس على مدى الزمن الذي ولدنا فيه من أواسط القرن الماضي و للآن؛ نتحسس الغربة و الضياع و الجفاء و القسوة و الظلم و الحروب المختلفةو لكننا بعد سقوط الصنم الصدامي ؛ توالت علينا حكومات ممسوخة فقدت كلمة صدق واحدة .. فبدأنا نعيش التغرب الحقيقي أو : ألأغتراب آلحقيقيّ . (Depravity) لذلك ما زلنا نواجه الأرهاب و الغربة معاً ؛ نعم .. لا زلنا نواجه الأرهاب و الظلم من قبل 10 مليشيات لسرقة الناس و نشر الفساد و النفاق و الغيبة في هذا الزمن! كما كُنا نواجه الأرهاب و الظلم و الفساد من قبل 10 مليشيات صدامية لسرقة الناس, خصوصا الفقراء, و بنفس القانون الجاري الآن:[إما معي أو ضدي]! فيا أصحاب آلفكر و آلعقول ألتي تُعاني ألأغتراب الحقيقي في أوساط مجتمعاتها تمسّكوا بحبل و حُب الله الذي وحده فيه الراحة و باقي العشوق عذاب و محن و إقتربوا منه حتى يتحقق الوصال و العشق فآلعمر بدون العشق و الحرية و الكرامة لا قيمة لها و الله .. بل لا تساوي شيئاً؛ ثُمّ ثُوروا بإيجابيّةٍ عبر فتح المنتديات الفكرية لنشر الوعي، و كُفّوا عَنْ أنْ تكونوا مُتلقين سلبيين لإملاءاتها و خاضعين لثقافاتها، كي تجبروها هي على الإحساس بالإغتراب عنكم، فتبحث من ثمَّ عن وسائل للتحرُّر من هذا الإغتراب بالتفاعل معكم! و ليعلم الله من ينصره و رسله بآلغيب, إنّ الله قويٌّ عزيز. حكمة كونيّة عزيزية : [الأشجار تتكأ على الأرض لتُثمر .. و الأنسان يتّكأ على المحبّة ليثمر]. عزيز الخزرجي عارف حكيم . ــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) قوله تعالى : { وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين }.سورة الأعراف /172.

No comments:

Post a Comment