Tuesday, April 16, 2024

العنف وتسويق التفاهة تشير أغلب الإحصاءات، المعتمدة رسميًّا من جهات حكوميّة عربيّة، ومن جهات معتمدة دوليّة، مثل منظمة اليونسكو، الى أن العالم العربي يقف دائماً في ذيل قائمة الأمم القارئة للكتب، فوفقًا الى تقرير صادر عن منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة في شباط 2023، ينشر العالم العربي 1650 كتابًا سنويًا، في وقت ينشر فيه الولايات المتحدة الامريكية 85 ألف كتاب سنويًا. وتتفوق إصدارات الكتب في الدول الأوروبية بشكل محزن على ما يقابلها في العالم العربي، الذي إذ يصدر فيه كتابان سنويا، ففي الوقت نفسه يصدر في اوروبا 100 كتاب. والتقرير نفسه يشير الى أن الطفل العربي يقرأ 7 دقائق سنويًا، بينما الطفل الأميركي يقرأ 6 دقائق يوميًا. وبعد …؟ تعاني الثقافة، بشكل عام، في البلدان العربيّة، من انحدار مريع، مع تهدم البنى التحتية الاجتماعية والسياسية، في العديد من الدول العربيّة، واختفاء أهم المؤسسات المدنية الفاعلة وتشوه تركيب المجتمعات، بزوال الطبقة المتوسطة، وظهور طبقة طفيليّة ساعدت على انقسام المجتمعات العربية طائفيًّا وإغراقها في طقوس غيبيّة، ويترافق كل ذلك مع التدهور في الحياة الاقتصادية، لأغلب البلدان العربية، وعيش العديد منها على عوائد النفط فقط، وتحولها الى بلدان استهلاكية وغير منتجة لاي بضاعة. في الجانب الآخر، نجد أنفسنا، في العديد من البلدان العربية، نقف أمام حقيقة مريعة، هي تحول غالبية العاملين في حقول الثقافة الى موظفين في الدولة، وغياب وتغييب لدور المثقفين العضويين، فيوفر الفرصة لبروز جمهرة من المتثاقفين و(المثقفين نص ردن) أصحاب ثقافة الوجبات السريعة، ونجوم مواقع التواصل الاجتماعي، مع غياب أطر ثقافية فاعلة قادرة على خلق نهضة ثقافية، واستمرار معاناة المثقفين الحقيقيين مع تسيّد الأنظمة القمعيّة وأذرعها البوليسية من مليشيات وأجهزة أمنية قمعية، التي تفرض قيودًا لا عد لها حول أي نشاط ثقافي يتعارض مع منطلقاتها المذهبية والايديولوجية، يترافق هذا مع انتشار الأميّة، وتدهور أوضاع التعليم، بل وانحداره في بعض من البلدان العربية، هكذا تحولت القنوات الفضائية، المتكاثرة مثل الفطر، الى المصدر الأهم للمواطن العربي، منها يتلقى المعلومات والأفكار، عبر ما تقدمه وتسمح به الأنظمة الحاكمة ومؤسساتها الرقابيّة، من برامج ومسلسلات تمثيليّة وأغان، تنشر الأفكار الظلاميّة والسطحيّة. هكذا أصبحت مصادر المعرفة بالنسبة للمواطن العربي محدودة، وصار يتلقى باستمرار جرعات من التفاهة عبر ما تقدمه له الفضائيات من مسلسلات تلفزيونية تسهم في تشكيل، وعيه وتربية ذوقه وقيمه.

No comments:

Post a Comment