Wednesday, April 24, 2024

شروط النهضة الحضارية :

شروط آلبناء الحضاري؟ تبدء بحلّ ألأزمة بين المثقف و السياسي. و لا بد للسياسة أن تتبع الثقافة و ليس العكس. أو وجوب أن يكون السياسي مُثقفاً وهو الحل الأمثل. أو على السياسيّ إتّباع المثقف الذي عليه إتباع الحكيم. وعلى الجميع إتّباع ألعارف الحكيم في أصل و هدف تقريراتهم .. تنحصر الأزمة الثقافية و الفكرية في بلادنا و التي هي منشأ معظم الأزمات و الأشكالات و الفوضى داخل دائرة (السّاسة و الحُكّام و القضاة و أصحاب السلطة المحيطين بهم) و من ورائهم أصحاب المال و الشركات و الأعلام الذين يتسبّبون بخراب البلاد و العباد عادة نتيجة الجّهل و الجشع و الأنانيات و التحزبات و الأخطاء المتكررة التي تؤدي إلى هدر المال العام و ضياع الشعوب بتكرار التجارب المكلفة و كأنّ البلد أمامهم مختبر لأجراء التجارب و العمل كيفما شاؤوا حسب رأيهم للتوصل إلى الحل و النتيجة المطلوبة التي يبحث عنها دون النظر و الألتفات لما يتركه من مآسي و خراب و خسائر نتيجة التكرار العبثي, و لو كان هذا السياسي مُثقفاً مخلصاً يبني مواقفه و خططه على الفلسفة ؛ لما حلّت تلك الكوارث والخسائر والفوضى و الفساد المالي - المادي و الأخلاقي و الزمكاني و بآلتالي تفريق و تفكيك أواصر الوحدة بين فئات وتيارات المجتمع إضافة للتبعيّة والخذلان للمستكبرين وكما هو حال البلاد والعراق خير نموذج. من هنا تأتي أهمية, بل وجوب أن يكون السياسي مثقفاً و أميناً و كفوءاً و مخلصاً تابعاً لأهل النظر والفكر لا العكس, وبغير ذلك, ليس فقط لا تنهض الأمة بل لا تُبنى البلاد و الحضارة لسعادة المجتمع .. مهما كان البلد غنيّاً بثرواته و موقعه و قدراته المادية و العلميّة و آلتأريخه و يمتلك الموارد المختلفة من المال و الطاقة؛ بل المشكلة الأكيدة التي ستصيب هذه المجتمعات هي إصابتها بآلشلل و آلطبقية و زيادة الفواصل و الفوارق الاجتماعية بين أبناء المجتمع الواحد, بمعنى بدل أن يكون الغنى و الثروات و حتى العِلم حقا للجميع و سبباً لإسعاد المجتمع ؛ يكون سبباً لشقائه و تناحره, لسوء تدبير الساسة والأدارة وفقدان القيادة المثقفة الحكيمة لتنفيذ الخطط الإستراتيجية, لمحدودية الفكر وحلول الثقافة الحزبية و العشائرية و القبلية و الدّينية المتحجرة و التفاخر بآلتأريخ دون النظر للحاضر و المستقبل؟ يقول بعض النخب ؛ أنه منذ القدم كان موضوع المثقف و السياسي بالمقابل مثاراً للجدل و النقاش و توليد الأزمات، وكانت تدور حروب باردة خفيّة مرّة و حروب حامية و معلنة مرات أخرى بينهما!؟ و ممّا لا يخفى أنّ تلك الاختلافات العميقة بين الطرفين قد فرضت على المثقف و المفكر ناهيك عن الفيلسوف تحدّيات لا بدّ من مواجهتها و دفع ثمن باهض لدرئها, خصوصاً و نحن نعلم بأنّ المال و السلطة والحماية تدور لصالح السياسي والحاكم لأنه فاقد للتّقوى و الحياء! لذلك فالأزمة التي يُعانيها المفكر و الفيلسوف لنشر الحقيقة والمعرفة لأسعاد المجتمع و كشف المزاعم التي تنشرها جماعات مغرضة و حزبية و سياسيّة خائنة تكون عادة ما مكلفة و تسبب خسارة المثقف و المفكر و الفيلسوف الذي من الصعب تعويضهم بآخرين بسهولة ممّا يؤدي لحدوث أزمات و خسائر مختلفة و كبيرة على جميع الأصعدة, و قد يتمّ إستغلالهم من قبل الأعداء بسبب لقمة العيش! و إنّ الموقف العام يتأزم أكثر فأكثر حين تظهر طوائف دينيّة وأحزاب مختلفة تتستّر برداء العفة و التأريخ و الجّهاد و العراقة و الثقافة الشكلية السطحية؛ فتتسبب بخلق و تعاظم ذلك الصراع بين الطرفين و بين جهات عديدة .. كالحاكم و رجل الدين و أشباه المثقفين وأذيال الساسة بعضها مع البعض, و يجب أن نعلم بأنّ خطورة (أنصاف المثقفين) أعظم و أكثر من باقي العوامل المؤثّرة (1). إلّا أنهُ من خلال رؤية ثقافيّة معمّقة يدعمها القانون و الحاكم .. تقوم على حقّ التعبير والنقد لأجل الهدف المنشود؛ وعلى حرية الرأي والرأي الآخر؛ الحقّ في الاختلاف؛ وجوب احترام ألآخر؛ الدّفاع عن الكرامة؛ ألأبتعا عن الانحيازية الضيقة لصالح الثقافة والنقد الموضوعي للأخطاء والثغرات؛ الإشارة للعيوب بجرأة الحرّ الذي لا يتعدّى حدود النقد البناء باحترام اختلاف الحضارات؛ و تنوع الشعوب و الدفاع عن القيم الإنسانية - الآدمية والاهتمام بحقوق الإنسان؛ والتقيّد بأخلاق المبادرة والمحاورة؛ ألأبتعاد عن المناورة و المؤامرة بطرح القضايا وإخضاعها للنقاش والتحليل المنطقي بغض النظر عن حجمها, كل تلك المحاور و المبادئ كفيلة بتغيير الوضع و السير بإتجاه البناء و التآلف و المحبة لتحقيق الحضارة و السعادة في نهاية المطاف لهذا الأنسان الذي كلما تقدم الزمن به زاد شقاءاً. أما ما يتعلق بعلاقة (السياسي والمثقف المفكّر) وإجلاء الحقائق بشفافية وتوضيح التطورات السياسيّة ذات الأثر على الحياة المجتمعية و الثقافية والالتقاء في المواقع المتعارضة لإيجاد حلّ أمثل يخدم القضية المصيرية المطروحة ليصب في مصلحة المجتمع بإثبات الدور الايجابي للمثقف والمفكر الذي قد يَلقي ضمنيّاً - على عاتق المثقف تهم إنتمائه لأحزاب و مذاهب - دافعاً بذلك ثمناً لموقفه المستقل!؟ ففي السياسة الكثير من الأمور المعقدة و المتشابكة التي قد لا تتيح للمثقف أن يتّخذَ موقفاً صريحاً أو معارضاً وفي نفس الوقت لا يمكنه الوقوف دون تحديد موقفه للدفاع عن بلاده و مبادئه؛ كرامته؛ حريته .. و لربما كان عليه إتخاذ لغة الحقائق والمنطق دون الانزلاق إلى المهاترات و الطعن؛ الاسترزاق من الأزمات بغطاء وطني وتقصي الحقائق و نشرها دون إعطاء الفرصة للمتربصين لاستغلاله رصاصة في صدر الوطن و المواطن معاً. إن محاولة إيجاد نقطة التقاء بينهما و إيجاد لغة حوار مشترك تخدم المصالح العامة للجميع؛ هي من أهم أهداف المثقف الذي يسعى لتحقيقها و إثباتها على أمل تخطي الأزمات السياسية والفكرية و الطبقية. يقول الباري تعالى و هو أصدق القائليين و أنفعهم لمصلحة و عاقبة البشر و المجتمعات و كل الخلق لأنه هو الخالق والعارف بطبيعة خلقه, يقول عزّ وجلّ و هو يُعلّمنا : [قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ] (سورة يوسف / آية 8). ولا يعطي أي عمل خصوصا في المجال الأجتماعي و السياسي ثمره و نتائجه الطيبة؛ ما لم يكن بنية سليمة و صادقة و تعاون جاد و مثمر بين العاملين, و الحمد لله رب العالمين. حكمة كونيّة : [ألفكر يجب أن تُحدّد ألسّياسة و ليس العكس]. العارف الحكيم عزيز حميد مجيد

No comments:

Post a Comment