صدى آلكون ............................................................................ إدارة و إشراف : عزيز آلخزرجي
Saturday, October 11, 2025
دور السؤآل في تطوّر الفكر :
دور ألسؤآل في تطوّر الفكر:
في الآونة الاخيرة و بعد قرارات مجحفة من القضاء و البرلمان الفاسد و الحكومة السوداوية السودانيّة الجاهلية المعيدية؛ منعوا الرأي الآخر و شدّدوا العقوبات على كل من يسيئ للدولة أو المسؤوليين و المؤسسات؛ لتكون الحكومة قد قرأت على نفسها السلام, وما هي إلا أيام ويتم تغييرها كما هو المتوقع وكل المؤسسات الفاسدة والمسؤوليين السارقين لحقوق الشعب!
لأن منع السؤآل الذي هو مفتاح التغيير وتفعيل العقل و تثوير المعلومات و إغنائها؛ يتسبب بتخلف المجتمع ليعيش و يبقى كما كان في عهد البعث الرجيم و أسوء!
إن تمكن الإنسان من السؤآل والنقد و الحوار البنّاء داخل منتدى فكري أو حتى مجلس عادي إضافة إلى وجود حكومة و منهج أمثل في نظام عادل تحكمه المساواة في الحقوق ألطبيعية والرواتب؛ هو الكفيل في نهضة الأمة و تطورها و سعادتها, لأن توزيع الثروات هو المعيار الأول لنزاهة النظام أو ظلمه, و ما دامت الأسئلة حيّة و تتجدّد بحرية، يبقى العقل يقظاً، والمجتمع قادراً على تطوير نفسه لكن حين يُغلق باب السؤال والفكر والحريات و تسرق الحقوق؛ يصبح كلّ شيء مكروراً و عفناً كآلماء الراكد في بركة يتعفن بعد فترة من ركوده، ليصبح مصدراً للجراثيم و الأمراض و بلا روح ولا طعم و لا فائدة، كما لو أننا نعيش حياة مؤجلة, وفي عالمنا العربي، يكاد السؤال يغيب و النقد خط أحمر، أو يظل معلقاً بين الخوف والجرأة.
لقد تحولت الثقافة إلى دائرة مغلقة و ممنوعة، تدور حول ذاتها، تكرّر ما قيل، وتعيد إنتاج ما استُهلك, النصوص التي كان يمكن أن تكون فضاءً للتأويل والانفتاح و الوعي؛ أُغلقت في وجه المخيلة، وصارت الحقيقة محصورة في قراءة واحدة، جامدة، لا تحتمل النقاش. وكأننا صدّقنا أن الفكر جريمة، وأن الخيال خطيئة, هكذا يموت المعنى، و يذبل العقل، وينكمش الحاضر و العقل و المحبة حتى بين الزوجين و بداخل العوائل ليصبح نسخة باهتة من ماضٍ بعيد.
غير أن التاريخ يذكّرنا بأن الجرأة ممكنة, فسقراط مات من أجل حقه في أن يسأل، والمتنبي عاش بطموحٍ يساوي الملوك، وابن عربي فتح قلبه لكل المعاني حين قال: [قلبي قابل لكل صورة، فهو مرعى لغزلان، ودير لرهبان، وكعبة للطائفين]. كلماتهم كانت أشبه بنوافذ في جدار مانع و كثيف، نوافذ تقول لنا إن الإنسان أوسع من كل قيد، وإن المعنى لا يُختصر في صيغة واحدة.
لكن هذه الأصوات بقيت يتيمة و غريبة، نجوم تتلألأ في ليل طويل دامس. لم نملك الشجاعة لنحوّل جرأتهم إلى تقليد حي، ولا الأسس التي تجعل السؤال مؤسسةً لا استثناء. لذلك تبدو مفارقتنا اليوم مؤلمة: نحن ورثة تراث حافل بالتمرد، لكننا نعيش واقعاً خانعاً، لا يملك سوى اجترار الماضي والخوف من المستقبل.
أجسادنا ممزقة، ومؤسساتنا هشّة و مغرضة لمصالح الأحزاب و الحاكمين، وفضاءاتنا الثقافية ضيقة إلى حدّ الخنق, بل و تعتبر خطيرة في بلادنا , لأنها قد تؤثر في سير فسادهم و نهبهم لحقوق الناس!
الكتاب و المنشور و المقال و حتى الحكمة ما زالت تواجه الرقابة والحدود و المنع، والفكرة تُوزن بميزان الولاء لهذا الحزب أو الشخص المسؤول, لا بميزان قيمتها بموازيين الفكر و العقل الكوني الغائب و إلا هل من المعقول أن يأتيني سؤآل حول فلسفتي الكونية مفاده : [هل الفلسفة الكونية العزيزية دين أم ماذا]؟
نعم لهذا الحدّ تعمق الجهل فينا, بحيث لا يعرف كوادرنا المثقفة الفرق بين الفلسفة و الدين و دور كل منهما في تقدم المجتمع!؟
في مثل هذا الواقع يصبح الصمت قانوناً مفروضاً، وتغدو الجرأة مغامرة شخصية معزولة, وكما قالت (هانا أرندت):
[الخطر الأكبر ليس الشر، بل تفاهة الشر].
ونحن نعيش في تفاهة يوميّة تستبطن العجز و تُكرّس الإمتثال للسلطة؛ للرقابة؛ و لصوت الجماعة الذي يخنق صوت الفرد.
لهذا أكرر سؤآل سقراط و همّ عليّ بن أبي طالب ؛ [هل من سبيل لتوعية الناس لتعريفهم بآلحقيقة التي تلوثت]!
فالنهضة لا تولد من ترديد الشعارات؛ و كثرة المكاتب؛ و التصريحات, بل من شجاعة المواجهة و النقاش الهادف الحر؛ من إستعدادنا لأن نُفكر معاً؛ و نختلف معاً؛ و نعمل معاً و مقياس التقييم هو الفكر و الإنتاج، دون تهديد أو خوف من السقوط!؟
ربما نبدو الآن عالقين في صمت طويل، لكن يكفي أن يتحول القلق الفردي إلى وعي جماعي حتى يبدأ التغيير مع المحبة, و ما يستحق الحياة حقاً، كما قال حكيم؛ هو أن نكون أحراراً؛ أن نختار؛ أن نحب؛ أن نحلم؛ أن نجرؤ على السؤال, فحين يستعيد العقل نشاطه، تستعيد الأمّة قدرتها على أنتاج الفكر و بآلتالي قدرتها على صناعة أدواتها و بناء المستقبل و حتى الأستقلال.
لكن مع هذا الوضع السوداوي الدكتاتوري ومنع الحريات والسؤآل والنقد وتعميق الفوارق الحقوقيّة و الطبقيّة و الأجتماعية والعشائرية؛ لا يمكن أن يتحقق أيّ تقدم أو بناء, بل سيؤدي إلى تضعيف الدولة و الأمة معا و بآلتالي سهولة إخضاعنا .. بل و جعل الحكومة الدكتاتورية كحكومة العراق الظالمة الناهبة تتوسل بآلقوى الكبرى لقبولهم كعملاء ليبقوا في السلطة لا لاجل العدالة؛ بل لبناء ألأمبراطوريات ألمالية الشخصية و الحزبية و تعميق الطبقية لتدمير الشعب و الأمة و كما يجري في بلادنا, و كأن فلسفة السلطة هي لجمع المال والقصور و الظهور بينما الحقيقة هي العكس أي تساوي الحقوق الطبيعية وإلا مهما إدّعت الحكومة ورفعت من شعارات جهادية براقة كما فعل البعث بآلأمس و حزب الدعوة والمتحاصصين اليوم؛ فأنها ظالمة!
مع فارق واحد هو: [البعثية ومن تحالف معهم سيعاقبون ضمن قائمة الكفار الظالمين, أما مَنْ حشر نفسه بإسم حزب الدعوة كما هو حال أعضاء الحزب الحالي اليوم بمن فيهم المالكي و من تحالف معهم فيعاقبون ضمن قائمة المنافقين, لأنّ الموالي الحقيقي يسير على نهج عليّ(ع) عملياً الذي كان يترأس عشرات الأمصار و الدول لكن راتبه و حقوقه الطبيعية لم تتعدى راتب وزير أو فلاح أو حارس أو حتى فقير مسلم أو يهودي أو مسيحي في أوساط الأمة, و أتمنى أن يكون دعاة الحزب اليوم على خطى (المرحلية) المقتبسة من الأخوانية ؛ لا على خطى (الولاية) فتكون عقوبتهم أشد و أقسى يوم الحساب في الدارين!
عزيز حميد مجيد
Subscribe to:
Posts (Atom)