Sunday, December 14, 2008

ألعرفان و آلحب في آلفكر آلإنساني3

بسم آلله آلرحمن آلرحيم
ألعرفان و آلحب في آلفكر آلإنساني ـ ألحلقة آلثالثة
و صلنا في آلحلقة آلسابقة إلى موضوع معرفة آلنفس , بإعتباره من أعلى مراتب آلمعرفة آلعلمية و آلتي بنيلها يتعرف آلإنسان على آلله , فآلعرفان,والعشق يؤديان إلى آلفناء في آلله لأنه هو آلمقصود من هذا آلبحث , و لكل مرحلة من آلمراحل درجات و حالات سيأتي بيانها في آلحلقات آلقادمة إنشاءآلله بعد آلأنتهاء من موضوع معرفة آلنفس , و قبل آلدخول في تفاصيل آلموضوع , تجدر آلإشارة إلى علل و أسباب تأكيدنا على مثل هذا آلبحث من وجهة نظر آلإختصاصيين في آلعلوم آلمختلفة , فقد وردتنا إستفسارات من بعض آلزملاء آلمهندسين و آلاطباء و آلمهنيين و غيرهم من جدوى معرفة و دراسة مثل هذه آلعلوم آلتي لا ترتبط بإختصاصاتهم , مدعين قيامهم بالخدمة عبر مهنهم و كفى .قبل آلدخول في آلحلقة , نشير بإقتضاب كجواب على ذلك : هو خطأ هذا آلإدعاء و سطحيته , خصوصا لو كان واردا من آلأكاديميين و أصحاب آلأختصاص , بإعتبارهم آلنخبة آلمتقدمة في آلمجتمع , و يفترض بهم آلتوسع في حركتهم و مسار وعيهم لتحقيق آلأمثل عبر أدائهم للخدمة في طريق آلإنسانية . فكم من مهندس و طبيب أمي في مجال آلفكر آلأنساني رغم كونه إنسان مختص , فقد يعبث في مجاله آلعلمي عبر إساءة إستخدام آلعلوم من حيث آلتطبيقات آلعملية في آلزمان و آلمكان آللازمين ناهيك عن آلإبداع , خصوصا في هذا آلزمن آلذي سيطر عليه أصحاب آلشركات عبر آلنهب و آلسلب و آلحروب . فمعرفة آلأختصاص وحده لا يكفي لجعل صاحبه عنصرا مفيدا في آلمجتمع , و بالتالي تحقيق آلسعادة في آلحياة سواء على آلصعيد آلشخصي أو آلإجتماعي , بشكل فاعل و مثمر أو ذو أثر خالد , يذكر على آلمدى آلبعيد ,لأسباب اهمها :ـأولا :ـ قد يكون صاحب آلأختصاص عالما في مجاله , من دون نيل آلحكمة و آلإجتهاد , و من لم يصل آلحكمة ليس بحكيم و لذا لا يمكن أن يصيب آلحق يوما , ومن أوتي آلحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا .ثانيا :ـ قد يكون آلأنسان عالما في مجال معين و لكنه لا يستطيع آلإبداع في عمله بسبب تجرد ذلك آلعلم عن آلعلوم آلأخرى و إنفصاله عن باقي آلإختصاصات و آلأحداث , و لا يمكن أن تلاحظ ظاهرة علمية أو حادثة واحدة في آلعالم منفصلة عن قرائنها أو باقي مكونات آلوجود ذلك أن لكل معلول علة , حتى آلوصول إلى علة آلعلل . ثالثا :ـ إن آلعلم ألذي هو وسيلة للوصول إلى آلحق عن طريق خدمة آلناس , إذا كان خاليا من آلعشق وآلعرفان لا يمكن أن يحقق آلمطلوب , فالمحبة و آلعشق لهما أثر سحري في تحقيق آلسعادة في آلنفوس .رابعا :ـ قد يستخدم هذا آلعالم كأجير لدى إحدى آلشركات آلتي تعمل لصالح آلمستكبرين لصناعة آلأسلحة آلذرية أو غيرها من آلأكتشافات آلتي لا تحقق سوى منافع آلقوى آلكبرى آلتى تريد آلسيطرة على آلأرض بغير آلحق ليزيد من معاناة آلأنسان و كآبته .و بإجتماع تلك آلمبادئ في آلسالك إلى آلله , و آلأنتباه إلى مكامن آلخطر فيها , يكون مثل هذا (آلواصل) مبدعا , مصيبا للحق , و مستثنى و سعيد جدا , عندما يفكر أو يقول أو يفعل في مجال عمله و تخصصه لأنه لا يترك جميلا أو حسنا أو نقطة إيجابية إلا ويأتي بها , لأنه عاشق و يسعى من خلال ذلك ألتقرب إلى آلمعشوق ألذي يمثل آلكمال آلمطلق و يكون بالمقابل عاملا ضد آلشر و آلفساد .إن آلوصول إلى آلكمال آلمطلق يحصل إبتداء بمعرفة آلنفس ثم إستقامته و تزكيته عبر إروائه و تغذيته من معين و نبع آلعشق آلإلهي و لكل مرحلة من آلمراحل آلمذكورة طرق و درجات تجب معرفتها ثم آلعمل بها عبر آلمطالعة و آلمراقبة وآلبحث آلدائم مع آلوعي .أنا شخصيا أعرف آلبعض من آلذين إلتزموا ب(ألرجيم)ألغذائي آلحاد , و لكنهم في آلنهاية أصيبوا بأمراض مختلفة في آلمفاصل و آلعمود آلفقري و غيرها , و هذا آلأمر ينطبق أيضا على آلملتزمين بالفكر و آلعقيدة , فانهم يتعرضون إلى شتى آلأمراض آلروحية و آلبدنية بسبب آلضغوط آلمختلفة و آلتعاطي آلمفرط أو آلخاطئ مع آلفكر و آلعقيدة, و هم يتصورون أنهم يحسنون صنعا ! خصوصا ألمتعمقين وآلمدعين منهم , و في أعلى آلمستويات و هذا أمر طبيعي بتيجية لحساسية آلقضايا آلفكرية و ضغوط آلواقع . و يكون خطر تلك آلأمراض و ثأثيراتها آلسلبية أشد فتكأ و عمقا من آلأمراض آلعضوية من حيث صعوبة كشفها و من ثم علاجها , لأنها ترتبط أولا وآخرا بالفكر و آلروح و إنعكاساتها في آلعائلة و آلمجتمع , هذا بالنسبة لأصحاب آلفكر و آلمنهج , أما غيرهم فلا نعنيهم في هذا آلمنهج , حيث يتوجب عليهم أولا آلتوبة قبل كل شئ و آلأيمان بالغيب ثم (آلطلب)كما جاء آلحديث عنه في آلحلقة آلسابقة .إن آلمثال أعلاه هو تنبيه لنا على عظمة آلمصيبة آلتي إبتليت بها آلغالبية آلعظمى من آلملتزمين آلمتزمتين ألذين أغلقوا باب آلعلاج بسبب عدم قبولهم أو قناعتهم بالإصابة بتلك آلأمراض جهلا أو تجاهلا أو حياءا , لأنها تختفي وراء آلنفوس و في أعماق آلإنسان , ولا تظهر للعيان بسهولة ,ومرض آلقلب من اخطر آلامراض-و لا نعني آلجانب آلعضوي-بل آلبعد آلمعنوي , وقد عبر عنه تعالى بمرض آلقلب بقوله:0(في قلوبهم مرض...) و هنا تكمن آلمحنة , لأن صاحبها يحاول آلتستر عليه دوما بسبب آلضعف أو آلخوف على فقدان آلمصالح و آلمنافع ,أو آلإستسلام للشهوات و جميعها ناتجة من إهمال صاحبه للرياضات آلروحية و بالتالي عدم وعي آلمعارف في آلقلب ألذي أبتلي أساسا بالحسد و آلكبر و آلحقد وغيرها من آلأمراض .و آلإنسان من حيث آلأبعاد آلإنتربولوجية و آلاجتماعية و آلتأريخية لا يزال بعيدا عن آلكمال (من حيث قواه آلكامنة و قدراته آلخارقة) - وبتعبير آخر (ما زال كائنا في حالة تأزمية)1 , بيد أن هناك مثلا أعلى و هدفا للإنسان آلروحاني ألأسمى , و هذا آلمثل هو آلذي يدفعه في طريق آلرقي و آلكمال في آلوجود .ولذا لا يمكن آلنظر إلى آلانسان كوجود منفصل بل هو جزء من آلبناء آلكوني و مظهر وجود آلله فيه , و من آلظلم إهمال هذا آلموجود(ألقوى آلروحية و آلمعنوية فيه) و سجنه في دائرة آلذات ليختنق في علله و امراضه آلتي عادة ما تكون صعبة آلعلاج كما أشرنا , إذا لم تكن مستحيلة بالنسبة للمعاندين آلمتظاهرين بالعافية جهلا أو تجاهلا أو حياءا , أو بسبب آلمصالح أو آلزي آلديني أو آلموقع آلاجتماعي .و نحن نعلم أن كل آلمخلوقات تحتاج إلى آلغذاء لتغذية جوارحها و بقائها على قيد آلحياة فبدونها تموت آلمخلوقات , لكن آلأنسان يحتاج مع ذلك إلى غذاء آلروح ليحافظ على بقاء إنسانيته فبدونه يموت آلأنسان من حيث إنسانيته و يبقى مجردا من آلمعاني و قيم آلروح ويعيش كالحيوانات آلأخرى , و غذاء آلروح كغذاء آلجسد , فهناك مثل شائع يقول :(قل لي ماذا تأكل لأقل لك من أنت) ونفس آلقاعدة تنطيق على آلروح :(قل لي من صديقك لأقل لك من أنت)وخير صديق في آلزمان كتاب , لأن آلأنسان يتعلم من أصدقائه آلذين يعتبرهم قدوة له في آلفكر و آلادب و آلثقافة , آلمدونة عادة في آلكتب أو عبر وسائل آلإعلام .فعمليا يكون آلأنسان عبارة عن ما يرد إلى روحه , فالمائدة آلتي يتغذى منها آلروح لو كانت إلاهية مليئة بالعشق و آلمحبة و صفاء آلقلب و حسن آلنية , تكون نتائجه مفعمة بالحب و آلإبتسامة و آلسلامة في آلدين و آلدنيا , لذا يجب آلأنتباه عند تناول آلغذاء آلروحي سواء عن طريق آلكتب أو آلمحاضرات أو أجهزة آلأعلام ومنها آلإنترنيت و آلغضائيات بشكل خاص , حيث له أثر كبير على توجيه عقول آلناس وتشكيل رؤاهم في مسيرة آلحياة . و لا حول ولا قوة إلا بالله آلعلي آلعظيم
يتبع
محمد آلبغدادي تورنتو-كندا

No comments:

Post a Comment